فصل: قال السايس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

.قال إلكيا هراسي:

سورة التحريم:
قوله تعالى: {يا أيُّها النّبِيُّ لِم تُحرِّمُ ما أحلّ الله لك}، الآية/ 1.
قيل: إن الآية وردت في تحريم العسل.
وقيل: وردت في تحريم مارية لما أصابها في بيت حفصة، فعلمت به، فخرجت منه فقال: «ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها؟» فقالت: بلى. فحرمها فنزلت الآية.
والأشبه هذا، فإنه تعالى قال: {لِم تُحرِّمُ ما أحلّ الله لك تبْتغِي مرْضات أزْواجِك}؟ وفي حديث العسل، روي أنه حلف، وروي أنه حلف في الجارية أيضا،
واحتجوا عليه بقوله تعالى: {قدْ فرض الله لكُمْ تحِلّة أيْمانِكُمْ}، الآية/ 2.
ولا أيمان في مجرد التحريم.
قوله تعالى: {قُوا أنْفُسكُمْ وأهْلِيكُمْ}، الآية/ 6.
قال علي رضي الله عنه في تفسيره: علموا أنفسكم وأهليكم الخير.
وقال الحسن: نعلمهم ونأمرهم وننهاهم.
وهذا يدل على أن علينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير، وما لا يستغنى عنه من الأدب، وهو معنى قوله تعالى: {وأْمُرْ أهْلك بِالصّلاةِ واصْطبِرْ عليْها}، ونحو قوله: {وأنْذِرْ عشِيرتك الْأقْربِين}.
وفي الحديث «مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر».
قوله تعالى: {جاهِدِ الْكُفّار والْمُنافِقِين واغْلُظْ عليْهِمْ ومأْواهُمْ جهنّمُ}، الآية/ 9.
وفيه دليل على التشدد في دين الله تعالى. اهـ.

.قال القنوجي:

سورة التحريم اثنتا عشرة آية وهي مدنيّة، قال القرطبي: في قول الجميع.
وتسمى سورة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.

.[الآيتان: الأولى والثانية]:

{يا أيُّها النّبِيُّ لِم تُحرِّمُ ما أحلّ الله لك تبْتغِي مرْضات أزْواجِك والله غفُورٌ رحِيمٌ (1) قدْ فرض الله لكُمْ تحِلّة أيْمانِكُمْ والله موْلاكُمْ وهُو الْعلِيمُ الْحكِيمُ (2)}.
{يا أيُّها النّبِيُّ لِم تُحرِّمُ ما أحلّ الله لك}: اختلف في سبب نزول الآية على أقوال:
الأول: قول أكثر المفسرين، قال الواحدي: قال المفسرون: كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في بيت حفصة فزارت أباها، فلما رجعت أبصرت مارية في بيتها مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، فلم تدخل حتى خرجت مارية، ثم دخلت. فلما رأى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في وجه حفصة الغيرة والكآبة قال لها: «لا تخبري عائشة ولك عليّ أن لا أقربها أبدا» فأخبرت حفصة عائشة- وكانتا متصافيتين- فغضبت عائشة، ولم تزل بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى حلف أن لا يقرب ماريّة، فأنزل الله هذه السورة.
قال القرطبي: أكثر المفسرين على أن الآية نزلت في حفصة وذكر القصة.
وقيل: السبب أنه كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يشرب عسلا عند زينب بنت جحش، فتواطأت عائشة وحفصة أن يقولا له إذا دخل عليهما: إنا نجد منك ريح مغافير.
وقيل: السبب المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وسنده ضعيف.
والجمع ممكن بوقوع القصتين: قصة العسل وقصة مارية، وأن القرآن نزل فيهما جميعا.
{تبْتغِي مرْضات أزْواجِك}: ومرضاة اسم مصدر وهو الرضا.
{والله غفُورٌ رحِيمٌ} (1): لما فرط منك من تحريم ما أحل الله لك.
قيل: وكان ذلك ذنبا من الصغائر، فلذا عاتبه الله عليه، وقيل: إنها معاتبة على ترك الأولى.
{قدْ فرض الله لكُمْ تحِلّة أيْمانِكُمْ}: أي شرع لكم تحليلها وبين لكم ذلك، فكان اليمين عقد والكفارة حل، لأنها تحل للحالف ما حرمه على نفسه.
قال مقاتل: المعنى قد بين الله كفارة أيمانكم في سورة المائدة، أمر الله نبيه أن يكفر يمينه ويراجع وليدته فأعتق رقبة.
قال الزجاج: وليس لأحد أن يحرم ما أحل الله.
قلت: وهذا هو الحق، إن تحريم ما أحل الله لا ينعقد ولا يلزم صاحبه، فالتحليل والتحريم هو إلى الله سبحانه لا إلى غيره، ومعاتبته نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم في هذه السورة أبلغ دليل على ذلك، والبحث طويل والمذاهب فيه كثيرة والمقالات فيه طويلة، وقد حققه الشوكاني رحمه الله تعالى في مؤلفاته بما يشفي.
واختلف العلماء هل مجرد التحريم يمين يوجب الكفارة أم لا؟ وفي ذلك خلاف وليس في الآية ما يدل على أنه يمين لأن الله سبحانه عاتبه على تحريم ما أحله الله له، ثم قال: {قدْ فرض الله لكُمْ تحِلّة أيْمانِكُمْ}، وقد ورد في القصة التي ذهب أكثر المفسرين إلى أنها هي سبب نزول الآية أنه حرم أولا، ثم حلف ثانيا كما قدمنا.
{والله موْلاكُمْ}: أي وليكم وناصركم والمتولي لأموركم.
{وهُو الْعلِيمُ}: بما فيه صلاحكم وفلاحكم.
{الْحكِيمُ} (2): في أقواله وأفعاله. اهـ.

.قال السايس:

من سورة التحريم:
قال الله تعالى: {يا أيُّها النّبِيُّ لِم تُحرِّمُ ما أحلّ الله لك تبْتغِي مرْضات أزْواجِك والله غفُورٌ رحِيمٌ (1) قدْ فرض الله لكُمْ تحِلّة أيْمانِكُمْ والله موْلاكُمْ وهُو الْعلِيمُ الْحكِيمُ (2)}
ذهب العلماء في سبب نزول الآيتين مذاهب مروية: فروى عكرمة عن ابن عباس أنّها نزلت في الواهبة التي جاءت النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت له: إنّي وهبت لك نفسي، فلم يقبلها.
وقال الحسن وقتادة: بل نزلت في شأن مارية القبطية أمّ إبراهيم، حيث خلا بها النبيّ صلى الله عليه وسلم في منزل حفصة، وكانت هذه خرجت إلى منزل أبيها في زيارة، فلما عادت، وعلمت، عتبت على الرسول صلى الله عليه وسلم فحرم الرسول صلى الله عليه وسلم مارية على نفسه إرضاء لحفصة، وأمرها ألا تخبر أحدا من نسائه، فأخبرت بذلك عائشة، لمصافاة كانت بينهما، فطلّق النبيّ صلى الله عليه وسلم حفصة، واعتزل نساءه شهرا، وكان جعل على نفسه أن يحرمهن شهرا، فأنزل الله هذه الآية، فراجع حفصة. واستحل مارية، وعاد إلى نسائه.
وقد اختلف أصحاب هذا القول فيما بينهم: هل كان تحريم مارية بيمين؟
فقال قتادة والحسن والشعبي: حرمها بيمين.
وقال غيرهم: حرمها بغير يمين، وهو عن ابن عباس.
وثالث الأقوال: ما ثبت في (الصحيح) عن عبيد بن عمير عن عائشة قالت: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يشرب عسلا عند زينب بنت جحش، ويمكث عندها، فتواصيت أنا وحفصة على أيتنا دخل عليها فلتقل له أكلت مغافير، إني أجد منك ريح مغافير- وهو نبت كريه الرائحة- قال: «لا ولكنّي شربت عسلا عند زينب بنت جحش، ولن أعود إليه، وقد حلفت لا تخبري أحدا. يبتغي مرضاة أزواجه».
وقد روى مسلم، وأشهب عن مالك أنّ النبي شرب العسل عند حفصة، وروي أنّه كان عند أم سلمة، والأكثر أنّه كان عند زينب بنت جحش، ولعلّ الحادثة تكررت قبل النزول.
وبعد فيرى ابن العربي أن ما قيل من أنّ الآية نزلت في الواهبة فهو ضعيف من حيث السند، وضعيف من حيث المعنى:
فأما السند: فرواته غير عدول.
وأما المعنى: فما يصحّ أن يقال: إن رد النبي صلى الله عليه وسلم للهبة كان تحريما، بل هو رفض لها، وللموهوب له شرعا ألا يقبل الهبة.
وأما ما روي من أنه حرم مارية فهو أمثل في السند وإن قرب من حيث المعنى، لكنّه لم يدوّن في صحيح ولا نقله عدل. قال ابن العربي: إنما الصحيح أنّه كان في العسل، وأنّه شربه عند زينب، وتظاهرت عليه عائشة وحفصة، وجرى ما جرى، فحلف ألّا يشرب، وأسرّ ذلك، ونزلت الآية في الجميع.
وبعد، فقد اختلف العلماء في أنّ تحريم النبي صلى الله عليه وسلم ما حرّم أكان بيمين، أم لم يصحبه يمين، وقد جرى بناء على ذلك خلاف بين العلماء في أنّ الرجل إذا حرّم شيئا ولم يحلف أيكون ذلك يمينا، فيجب فيه ما يجب في اليمين، أم لا يكون؟ وتشعبت أطراف الخلاف بينهم إلى حدّ كبير، سنقفك على شيء منه بعد التفسير.
{لِم تُحرِّمُ} ما أحلّ الله لك أي لم تمنع نفسك من شيء أباح الله لك الانتفاع به {تبْتغِي مرْضات أزْواجِك} الابتغاء: الطلب، والجملة حال من فاعل تحرّم. فيكون قيدا للعامل. وقد قال العلماء: إنّ العتاب موجّه إلى هذا القيد، لأنّ الكلام إذا كان مقيّدا بقيد إثباتا أو نفيا، فالنظر فيه إلى القيد، ولا مانع من أن يكون العتاب موجها إلى المقيّد مع قيده.
ويرى البعض أنّ الجملة استئناف، وذلك أنّ الاستفهام ليس على حقيقته، بل هو معاتبة على أنّ التحريم لم يكن عن باعث صحيح، وحينئذ يكون الاستفهام منشأ لأن يسأل فيقال: وما ينكر منه في التحريم وقد كان الأنبياء يحرّمون؟ {كُلُّ الطّعامِ كان حِلّا لِبنِي إِسْرائِيل إِلّا ما حرّم إِسْرائِيلُ على نفْسِهِ} [آل عمران: 93] فقيل في جواب هذا السؤال: {تبْتغِي مرْضات أزْواجِك} فكأنّ التحريم لم ينكر لذاته، وإنّما لما اشتمل عليه من الحرص على مرضاة الأزواج، ومثل النبيّ صلى الله عليه وسلم أجلّ من أن يقدم على ما يقدم عليه، ويمتنع عما يمتنع منه تبعا لإرضاء النساء.
{والله غفُورٌ رحِيمٌ} إنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يقارف ذنبا، والذي كان منه إنما هو خلاف الأولى، فالإتيان بالغفران والرحمة هنا تكريم للنبيّ صلى الله عليه وسلم، حيث جعل ما لا يعدّ ذنبا كأنه ذنب، ولا يكون ذلك إلا لمن سمت منزلته.
وقد رأيت أنّا فسرنا التحريم هنا بالامتناع، وامتناعه عن شرب العسل أو غيره إنما كان كامتناعه عن أكل الضب، وهو بهذه المثابة لا شيء فيه، وإنما عوتب من أجل أنّ الباعث كان الحرص على مرضاة الأزواج.
وقد أراد الزمخشريّ أن يقول: بل هو قد قال: إنّ الذي وقع هنا هو أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم حرّم من عند نفسه ما أحل الله، فيكون قد غيّر الحكم ابتغاء مرضاة الأزواج فآخذه الله به، وأنكره عليه، وغفر له ما وقع منه من الزلة، وقد شنع العلماء على الزمخشري في قوله هذا.
وذلك أن تحريم الحلال ينتظم معنيين:
فقد يراد منه اعتقاد حكم التحريم فيما جعله الله حلالا، وذلك تغيير لحكم الله، وتبديل له على نحو الذي كان من الكفار من تحريمهم البحائر والسوائب والوصائل وغيرها، وكقولهم: {هذِهِ أنْعامٌ وحرْثٌ حِجْرٌ لا يطْعمُها إِلّا منْ نشاءُ بِزعْمِهِمْ وأنْعامٌ حُرِّمتْ ظُهُورُها وأنْعامٌ لا يذْكُرُون اسْم الله عليْها افْتِراء عليْهِ سيجْزِيهِمْ بِما كانُوا يفْترُون} [الأنعام: 138] وعلى نحو ما حكى الله عنهم في قوله: {وقال الّذِين أشْركُوا لوْ شاء الله ما عبدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شيْءٍ نحْنُ ولا آباؤُنا ولا حرّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شيْءٍ كذلِك فعل الّذِين مِنْ قبْلِهِمْ} [النحل: 35] وتحريم الحلال بهذا المعنى كفر لا يكون إلا من الكافرين.
والمعنى الثاني: الامتناع من الحلال امتناعا مطلقا، أو مؤكّدا باليمين مع اعتقاد حل الفعل الذي امتنع منه، وهذا شيء لا خطر فيه، ولا شي ء، وقد امتنع النبيّ صلى الله عليه وسلم من أكل الضب، وقال: «إنّه لم يكن بأرض قومي». والذي وقع من النبيّ صلى الله عليه وسلم كان من هذا النوع، وإنما عوتب على ما صاحب الامتناع من الحرص على مرضاة الأزواج، خصوصا بعد المظاهرة التي كانت منهنّ، ومرضاة مثل هؤلاء ينبغي ألا يحرص عليها.
وقد اعتذر بعض العلماء عن الزمخشري، وأوّل كلامه.
{قدْ فرض الله لكُمْ تحِلّة أيْمانِكُمْ} الفرض: التقدير، والمراد منه هنا: جعل تحلة اليمين شريعة، والمراد من التحلة الكفارة، والتحلة مصدر حلل، كالتكرمة مصدر كرّم، وهو مصدر غير قياسي، إذ المصدر القياسي في كلّ منهما: التحليل والتكريم.
وأصله من الحلّ ضدّ العقد، وذلك أنّ من حلف على شيء فكأنّه قد عقد عليه، لأنّه التزمه. وقد جعل الله الكفارة حلّا لهذا الالتزام.
{والله موْلاكُمْ وهُو الْعلِيمُ الْحكِيمُ} هو سيدكم، ومتولي أموركم، وهو العليم بشأنكم، يعلم ما فيه مصلحتكم، فيشرع لكم ما تقضي به هذه المصلحة، وهو الحكيم الذي لا يصدر عنه إلا كل متقن محكم.
اختلف العلماء في أنّ التحريم الذي كان من النبي صلى الله عليه وسلم هل كان مقترنا بيمين، وظاهر الآية قد يؤيّد القول بالإيجاب، لقوله تعالى: {قدْ فرض الله لكُمْ تحِلّة أيْمانِكُمْ} إذ هو مشعر بأن ثمة يمينا تحتاج إلى التحلة، وقد جاء في بعض الروايات ما يؤيده.
واختلفوا أيضا في أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أعطى كفارة، أو لم يفعل.
وقد ذهب الحسن إلى أنه لم يعط كفارة، ويقول في التوجيه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهو توجيه لا يخلو من شي ء، وقد نقل عن الإمام مالك رحمه الله في (المدونة) أنّه أعطى الكفارة.
وقد اختلف العلماء بعد ذلك في الرجل يحرّم شيئا، كأن يقول لزوجته: أنت عليّ حرام، أو الحلال عليّ حرام، ولم يستثن شيئا.
ويقول ابن العربي: بأنّ للعلماء في تحريم الرجل لزوجته خمسة عشر قولا، يجمعها ثلاثة مقامات:
المقام الأول: في جمع الأقوال.
الثاني: في التوجيه.
المقام الثالث: في عد الصور في ذلك.
ونحن نقتصر هنا على جمع الأقوال، ونترك المقامين الآخرين إلى الفقه وعلم الخلاف، فإنّ الآية لا تحتمل كلّ ما قال الفقهاء.
القول الأول: روي عن أبي بكر وعائشة والأوزاعي أنّ تحريم الزوجة يمين تلزم فيها الكفارة.
القول الثاني: قال ابن مسعود: ليس تحريم الزوجة بيمين، وتلزم فيه الكفارة.
القول الثالث: قال عمر بن الخطاب: إنّ تحريم الزوجة طلقة رجعية، وهو رأي الزهري.
القول الرابع: أن تحريم الزوجة ظهار، وهو رأي عثمان البتي وأحمد بن حنبل.
القول الخامس: قال حماد بن سلمة، وهو رواية عن مالك: أنه طلقة بائنة.
القول السادس: أنّه ثلاث تطليقات، وهو مروي عن علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وأبي هريرة، ومالك.
القول السابع: قال أبو حنيفة: إن نوى الطلاق أو الظهار كان ما نوى، وإلّا كانت يمينا، وكان الرجل موليا من امرأته.
القول الثامن: قال ابن القاسم: إنّ من حرّم زوجته لا تنفعه نية الظهار، وإنما يكون طلاقا.
القول التاسع: قال يحيى بن عمر: يكون طلاقا، فإن ارتجعها لم يجز له وطؤها حتى يكفّر كفارة الظهار.
القول العاشر: هو ثلاث قبل الدخول وبعده، لكنه ينوي في التي لم يدخل بها إذا قال: نويت الواحدة، وهو عن مالك وابن القاسم.
القول الحادي عشر: هو ثلاث، ولا ينوي بحال، ولا في محل، قال ابن العربي هو قول عبد الملك في (المبسوط).
القول الثاني عشر: هو في التي لم يدخل بها واحدة، وفي التي دخل بها ثلاث، وهو رأي أبي مصعب، ومحمد بن عبد الحكم.
القول الثالث عشر: أنّه إن نوى الظهار- وهو أن ينوي أنّها محرمة كتحريم أمه- كان ظهارا، وإن نوى تحريم عينها بجملته بغير طلاق تحريما مطلقا وجبت كفارة يمين، وإن لم ينو شيئا فعليه كفارة يمين، وهو عن الشافعي.
القول الرابع عشر: أنّه إن لم ينو شيئا لا يلزمه شيء.
القول الخامس عشر: أنّه لا شيء عليه أصلا، قاله مسروق، وربيعة من أهل المدينة.
وبعد فإنّك ترى أنّ الآية الكريمة ليس فيها أكثر من أنّ الله سبحانه عاتب نبيّه على أنّ منع نفسه شيئا أباحه الله له، والظاهر أنّ هذا المنع كان مصحوبا باليمين، فقال الله: لا تمتنع، وكفّر عن يمينك بالتحلة، وإذا جرينا على ما هو الصحيح من أنّ الحادثة كانت في شرب العسل ازددت يقينا بأنّ كلّ هذه الأقوال التي قبلت في تحريم الزوجة من غير يمين تحتاج إلى أدلتها من غير الآية، فلتطلب في أماكنها، والله المستعان، وبه التوفيق. اهـ.